مدير لأول مرة

 

عندما تصبح مديرًا للمرة الأولى، فإن هذا يعني أن حياتك لن تكون أبدًا كما كانت من قبل. لأنك أصبحت على أعتاب مرحلة جديدة من حياتك العملية ستواجه فيها تحديات لا نهاية لها، تتمثل في تحقيق الأهداف الموكول إليك تحقيقها من خلال الآخرين. وتلك التحديات هي جوهر عملية الإشراف والإدارة.

1 ـ الشهور الأولى:

منذ الأسبوع الأول من توليك مهمة الإدارة لأول مرة ستلاحظ تطورات مدهشة تمر بك. فيجب عليك أن تدرك الكثير من الحقائق:

·   لا تعتقد أن جميع الناس في إدارتك سيكونون سعداء بقدومك؛ فبعضهم يعتقدون أنهم أحق منك بهذا المنصب، والبعض الآخر من الحاقدين سيتمنون فشلك.

·   وسيبدأ على الفور فريق (نعم) الالتفاف حولك لأنهم سيعتبرونك جواز مرورهم إلى أطماعهم الشخصية. وقد لا تكون جميع مراميهم سيئة، ووسائلهم في التقرب إليك لن تخلو من شيء مرغوب.

·   وسيضعك فريق آخر من مرءوسيك في اختبار مبكر بتوجيه الأسئلة إليك للتعرف على نوعية إجاباتك، وما إذا كنت من النوع الذي يمكن أن يقول: لا أعرف، أو من النوع الذي يتمادى في التمويه.

·   أما الأغلبية فسيفضلون طريقة (انتظر) وهو ما تتمناه، فهم لن يمتدحوك أو يذموك قبل أن يروا تصرفاتك وأسلوبك في الإدارة.

·   وسيتم تقويمك من الجميع بمقارنتك بسلفك في الإدارة؛ فإن كان أداؤه ضعيفًا فسيبدو أداؤك أفضل. وإن كان سلفك على درجة عالية من الكفاءة فسيكون الحكم عليكم قاسيًا. وفي كلتا الحالتين فإن أمامك عملاً كبيرًا يجب عليك أن تؤديه.

·   ومن أول القرارات التي يجب أن تتخذها هو أن تتجنب إحداث تغييرات سريعة في طرق العمل ما لم تكن قد جئت مزودًا بتعليمات معينة من الإدارة العليا للتغيير. وفي غير هذه الحالة، كن صبورًا ولا تتعجل. فقد ينظر إلى التعديلات العاجلة وكأنها إهانة لمن سبقك. وقد تواجه تغييراتك المقاومة من المرؤوسين.

·   وغالبًا ما يلجأ المديرون الجدد إلى التماس المشورة من رؤسائهم ولا يلجأون إلى مرءوسيهم، مع أن لديهم الكثير من الكثير، وهم الذين سيقوم أداؤك في النهاية بأدائهم.

·       وإذا أردت أن تكون قدوة حسنة لمرءوسيك، ابدأ عملك دائمًا في المواعيد الرسمية المحددة.

وخلال الشهرين الأولين احرص على عقد جلسات حوار مع مرءوسيك. ولا تفعل ذلك في الأسبوع الأول، لتعطيهم فرصة للتعرف عليك. وأن تعقد هذه الجلسات في مكتبك بهدف تنمية طرق اتصال بينك وبينهم. وأعط اهتمامًا جيدًا لما يقولون. وحاول التعرف على ميولهم واتجاهاتهم وطموحاتهم واجعل بينك وبينهم نوعًا من الألفة. وستكتشف في الشهور الأولى أن مهارتك الفنية ليست في درجة أهمية علاقاتك الإنسانية.

عقبات في الطريق:

من أهل الصعاب التي ستواجهك وأنت حديث العهد بالإدارة أصدقاؤك القدامى الذين تحولوا إلى مرءوسين لك. وتلك مشكلة من المشكلات التي لا يوجد حل ناجح لها. فأنت لا تريد أن تؤثر صداقاتك لا في عملك ولا في أعمالهم. والصديق الصدوق هو من يقدر الموقف، ولكن للأسف فإن الكثيرين من هم لا يقدرون ذلك. وربما لهذا السبب تلجأ المؤسسات إلى تعيين المدير الجديد من خارج الإدارة أو المؤسسة كلها.

لا تخص أصدقاءك بأية مزايا تفضيلية، بل عاملهم على قدم المساواة مع زملائهم. وتجنب معاملتهم معاملة سيئة لمجرد أنك تريد أن تثبت للآخرين حيادك.

بناء الثقة:

بناء الثقة يأتي بالتدريج، ويجب أن يكون من أهم أهدافك كمدير أن تجعل مرءوسيك يكتسبون الثقة في قدراتهم وقدراتك.

·   وزرع الثقة في الناس ليس مهمة سهلة، وإذا كنت تعتقد أن النجاح هو مجرد تكوين عادة، فإن الفشل أيضًا يصبح عادة. والثقة لا تبُنى إلا على النجاح. ولهذا يجب أن تعطي الناس خيولاً يتقدموا بها. وحاول أن تنمي فيهم العادة لأن يكونوا ناجحين.

·   ولا تهدم ثقة المرءوسين في أنفسهم بتقريعهم أمام زملائهم، بل امتدحهم في العلن وانتقدهم على انفراد. وفي انتقادك حاول أن يكون هدفك الإرشاد والتعليم، ولا تجعل من (الحبة قبة).

·   ولا يخلو امتداح المرءوسين على الملأ من العيوب؛ فقد يؤدي إلى جعل الآخرين سلبيين، كما قد يخلق المتاعب للشخص الممتدَح. لذلك، يجب توخي الحذر في استخدام هذا الأسلوب، وعدم التمادي فيه.

طلب الكمال من المحال:

بعض المديرين الجدد يغالون في طلب الكمال وهم يعلمون أنه بعيد المنال. والمديرون الذين يطلبون من مرءوسيهم ذلك إنما يعملون ضد أهدافهم؛ إذ قد يؤدي الحرص على تجنب الأخطاء إلى الإبطاء في العمل وخفض الإنتاج. وإنتاج مائة وحدة بخمسة أخطاء أفضل بكثير من إنتاج عشرين وحدة ليس فيها خطأ واحد.

·   وعيب آخر لهذا النهج أنه قد يؤدي إلى استياء المرءوسين وجعلهم يعتقدون أن مديرهم شخص لا يمكن إرضاؤه. وستتأكد جودة الإنتاج عندما يقرر المرؤوسين بأنفسهم ذلك. لقد تغير الزمن ولم يعد أحد يطيق أن تملي عليه الأوامر بطريقة دكتاتورية. وأفضل الرؤساء هو أقلهم إصدارًا للأوامر.

لا تتردد في اتخاذ القرارات:

يخشى بعض الناس اتخاذ القرارات؛ فإذا كنت من هؤلاء فالأفضل لك أن تترك مهنة الإدارة؛ لأن الحياة أقصر من أن تضيع في التردد والإحجام.

·       وهناك سببان رئيسان وراء تردد بعض المديرين في اتخاذ القرارات.

أولهما:أنهم غير متأكدين من توفر المعلومات الكافية لاتخاذ قراراتهم

وثانيهما:الخوف من الوقوع في هذه الأخطاء. ولمثل هؤلاء نقول: إذا توفرت لديك المعلومات بنسبة 100% فستكتشف بعد اتخاذ القرار أن هناك معلومات أخرى جديدة. ولذا لا تتردد في اتخاذ قرارك عندما يتوفر لديك قدر معقول من المعلومات. كما أنه من المستحيل عدم الوقوع في الخطأ تمامًا؛ لأن الإحجام عن اتخاذ القرارات أسوأ بكثير من الوقوع في بعض الأخطاء. وسوف تقل بمرور الوقت والتجارب.

نحن وهم:

من المعتاد سماع ما يلي:

-       لا أعرف كيف أصدروا (هم) هذه الأوامر.

-       (هم) بالتأكيد لا يفهمون ما نؤديه (نحن) في موقع العمل.

-       ليتهم عرفوا (هم) شعورنا (نحن) نحو هذا الإجراء، ولا أعرف ماذا نستطيع (نحن) أن نفعل حياله.

 و(هم) تعني عادة من هم في مستواك أو في المستوى الأعلى من المديرين. و(نحن) يقصد بها المرؤوسين. وعندما تصبح مديرًا تخرج من طائفة (نحن) وتنضم إلى طائفة (هم). وكثيرًا ما يعتبر المديرون الجدد أنفسهم بالخطأ من طائفة (نحن) ولا يدركون أنها طائفة مرءوسيهم.

-   الوعي بـ (نحن) و(هم) على جانب كبير من الأهمية؛ لأنه يضع تصرفات كل فريق في موضعها الصحيح. ويجب على المدير الجديد ألا يقع في مصيدة (نحن) وأن يبدأ في تغيير نفسه حتى يفكر بطريقة:(هم).

ضمير الملكية:

لا تقع في خطأ دارج وتقول: "إدارتي" أو "موظفيني" أو ما شابه ذلك. قد تكون هذه الكلمات عفوية وغير مقصودة، ولكنها خاطئة لأنها توحي بممتلكات شخصية؛ لأنك لا تملك الإدارة ولا تملك الموظفين.

وبطبيعة الحال، هناك حالات لا يمكنك فيها تجنب استخدام ضمير الملكية عندما تناقش مع رؤسائك أمور إدارتك ومرءوسيك. وفي مثل هذه الأحوال فإن استخدامه لا يعني الملكية.

المدير في لحظة تفكير:

q        أنا لست أذكى من الآخرين، ولن أصبح أذكى لمجرد أنني مدير، فأنا مازلت أنا، وسأبقى أنا.. مهما كبر الكرسي وزاد الدخل وتغيرت السيارات.. وتعددت الألقاب.

q                  قد يكون القرار السليم أن لا أقرر شيئًا.

q                  لن أستطيع قيادة الناس بدفعهم من الخلف.. إذًا يجب أن أسير أمامهم.

q                  إن اعترافي بأخطائي .. يجرد أعدائي من أسلحتهم.. ويعطي أصدقائي سلاحًا للدفاع عني.

q                  عندما أكون سلبيًا تجاه الأفكار الخاطئة.. أكون إيجابيًا تجاه الحقيقة.

q                  لن أكون دبلوماسيًا ناجحًا.. إلا إذا واجهت رئيسي بأخطائه.

q                  لكي أجبر الموظفين على الولاء.. يجب أن أقدمه طائعًا.

q                  أنا لست أهم من الموظفين.. أنا فقط أكبرهم مسئولية.

q                  إذا حاولت الصعود على أكتاف الآخرين.. فإنني سأسقط من أعلى.

q                  مقياسي للنجاح خاطئ.. لأنني أقيسه بما حققته من النجاح.. لا بما تعلمته من الفشل.

q                  لن أتردد في تعيين موظف أذكى مني.. فأنا أبحث عن منافس حقيقي يجعلني أكثر ذكاءً.

غيّر أسلوب عملك:

لا شيء يبقى سوى التغيير. والتغيير المقصود هنا هو تغييرك أنت لأسلوب عملك من الاهتمام بالجزئيات إلى الاهتمام بالكليات. فلم تعد موظفًا مطلوب منه أداء عملية معينة، إنك الآن مسئول عن جميع العمليات بالإدارة. لهذا، يجب أن يتسع أفقك، وقاوم الاتجاه نحو التمسك بالمهارات الجزئية. وليس معنى ذلك أنك لا تكترث بالتفصيلات التي تكون أحيانًا مطلوبة لاستكمال الصورة. والتوازن مطلوب بين الأمرين. ولا تكن كالذي ضيع فرصة رؤية الغابة كلها في سبيل رؤية بعض أشجارها.

التعامل مع الرؤساء والمرءوسين:

يطيل المديرون الجدد النظر إلى أعلى، وربما إلى الجانبين، ولكنهم قلما ينظرون إلى أسفل ـ أي إلى مرءوسيهم ـ . مع أن تأثير المرؤوسين على مستقبلهم أهم من تأثير رؤسائهم، غير أنهم عادة ما يتجاهلون ذلك.

-   حاول في تعاملك مع مرءوسيك تحقيق العدالة في توزيع العمل. وستجد أن بعض الموظفين لا يرغبون في تحمل المسئوليات ولا الترقي إلى المناصب التي تفرض عليهم هذه المسئوليات. ومثل هؤلاء مطلوبون في كل مؤسسة؛ لأنهم يحلون جانبًا من مشكلة توفير المراكز القيادية لغيرهم من الطموحين. وبعض المرءوسين يفضلون الأعمال الفردية، والبعض الآخر يحب العمل مع الآخرين بأسلوب الفريق. وأنت لا تستطيع أن تضع كل واحد حيث يريد، ولكن معرفتك بهذه الاتجاهات المتباينة تساعدك على وضع الرجل المناسب في المكان المناسب.

-   ومن المهم أيضًا أن تحسن اتصالك برؤسائك؛ لأنك قد أصبحت من طائفة المديرين، ولن تصبح عضوًا فاعلاً بغير الولاء لهم.

-   والولاء لا يعني التنازل عن حقوقك، فاحرص على تحقيق التوازن بين مصالح إدارتك ومصالح المنظمة كلها، ولا تضح بمصالح إدارتك ومرءوسيك. وحاول أن تتخذ موقفًا وسطًا. واسأل رؤسائك عن الحكمة وراء قراراتهم، وحدد موقفك من هذه القرارت. فلم تعد فكرة الطاعة العمياء للمديرين تتناسب مع العصر؛ لأننا الآن في عصر مختلف يجب أن يعرف يه الجميع الأسباب الكامنة وراء كل قرار يتخذ، والحصول على أجوبة صحيحة.

-   وقد يوقعك سوء حظك مع مدير صعب المراس، وقد يكون كفئًا من الناحية المهنية، ولكنه لا يستطيع التعامل مع مرءوسيه، فإن حدث لك ذلك فإنه قدرك المحتوم ولا حيلة لك في تغييره. وكل ما تستطيعه هو أن تحاول أن تفهم الدوافع وراء سلوكه. فهناك أسباب عديدة لذلك، فقد يكون مظلومًا ولم يأخذ حقه. حاول قبل أن يصدر منك أي رد فعل أن تسأل نفسك الأسئلة التالية:

1 ـ هل أخضعت سلوكه لاختبار عادل؟ وهل قضيت أنت في عملك الجديد فترة كافية تمكنك من الحكم على هذا السلوك؟

2 ـ هل ردود أفعالك عاطفية؟

3 – هل كان نفس الرئيس يعامل سلفك بنفس الأسلوب؟

4 – هل كان هناك مؤشر على أن معاملته السيئة لك يمكن أن تكون مؤقتة؟

5 – هل صدر منك أي تصرف يبرر أسلوب تعامله معك؟

6 – هل في إمكانك تغيير عملك بسهولة لترتاح منه؟

2 – عندما ينتهي شهر العسل:

عندما تنتهي المرحلة الأولى من عملك الجديد وتتعرف على طبيعته، وعلى رؤسائك ومرءوسيك ستبدأ مرحة أخرى جديدة من مراحل العمل يكون عليك فيها تغيير سلوك بعض مرءوسيك وتكييفهم وإعادة تأهيلهم، والوقوف على مشاكلهم الشخصية، وإجراء الحوار معهم، وغير ذلك من مهام منصبك الجديد.

-   أول مشكلات ما بعد شهر العسل أنك ستواجه أنواعًا من السلوك التي لا ترضى عنها؛ فلا تظن أنه بإمكانك إجراء تغيير جذري في سلوك الناس؛ لأن التغييرات في الشخصية الأساسية كما يقول علماء النفس لا تتحقق إلا بتعرض الشخص لتجارب مؤلمة أو بإجراء جراحة في المخ! وساء أكان هذا الرأي صوابًا أم خطأ؛ فإنه يظهر مدى الصعوبة في تغيير شخصية الإنسان.

-   ولهذا، فمن الأفضل بدلاً من محاولة تغيير سلوك مرءوسيك أن تجعلهم في حالة تمكنهم من أداء أعمالهم على الوجه الصحيح، وإعادة تأهيلهم، ويمكنك الاستعانة في ذلك باختبارات القدرات، فهي تساعدك على وضع الناس في الأماكن التي تتناسب مع قدراتهم الذهنية والعملية.

-   يجب أن يكون الموظفون على علم بالمهام الأكثر أولوية من وجهة نظر المنظمة. ومن الخطأ أن يقال لهم: إن كل شيء مهم! فهناك دائمًا المهم والأهم. وهناك تغييرات دائمة في الأولويات، والناس يقاومون التغيير إذا ما أريد إحداثه بسرعة، لهذا يجب أن يتم بالتدريج وعلى مراحل.

مشاكل الأفراد:

من الخطأ أن تعتقد أن لديك القدرة على إيجاد الحلول لجميع مشاكل الأفراد، والمطلوب منك التعامل مع المشكلات التي تدخل في دائرة مسئولياتك الإدارية، وتوجيه غيرها إلى الهيئات أو الإدارات المعنية بهذه الأمور الاجتماعية.

-   وتعلم من الحوار مع مرءوسيك، ولا تجعل هذا الحوار من طرف واحد، بل اجعله على طريقة (خذ وهات)، والحوار يتيح فرصًا ما فريدة لحل العديد من المشكلات. وكن مستمعًا جيدًا لكل صاحب شكوى، ولكن لا تضيع في ذلك الوقت الواجب تكريسه للعمل.

-   وإذا أردت أن يعرف المرءوس أن عمله دون المستوى المطلوب لا تتبسط معه في الكلام بطريقة لا توصل إليه هذه الرسالة، وعليك أن تدير الحوار بطريقة تجعله يقترب بنفسه من غرض المقابلة.

-   وبعض المشكلات قد لا يحتاج إلى أي تصرف، ولكن هذا لا يعني أن تنتهج سياسة (دعه يعمل دعه يمر), وهناك مشكلات ذات طبيعة خاصة كالموظف الكفء في عمله، ولكنه يتأخر عن موعد العمل. حاول تغيير سلوك هذا الموظف في رفق، ولكن في النهاية لابد من تطبيق اللوائح بحزم.

-   إذا اضطررت إلى اتخاذ قرار مؤلم بفصل أحد الموظفين بعد استنفاد جميع وسائل إصلاحه، فليكن هذا القرار حاسمًا وفي سرية، حتى لا يعلم به زملاؤه. ويجب أن تساعده في الحصول على جميع حقوقه التي يكفلها نظام المؤسسة، وتساعده في الحصول على عمل آخر يتناسب مع قدراته إذا استطعت إلى ذلك سبيلاً.

وأحسن إدارة عواطفك، ولا تنفعل لأتفه الأسباب، ولا تفرح بشدة، ولا تحزن بشدة، فلن يتعاطف معك مرءوسوك إذا اعتقدوا أنك متطرف الشعور. واحتفظ بهدوء أعصابك في أصعب الظروف حتى يمكنك التفكير السليم، وهذا لا يعني أن تكون مجردًا من العواطف الإنسانية، واحرص على مشاعر الآخرين.

3 ـ مهامك الإدارية والاستشارية:

تفرض عليك مهام عملك كمدير جديد بعض العلاقات التنظيمية. والولاء يتطلب منك سلوكًا واجبًا تجاه رؤسائك، وسلوكًا مقابلاً من مرءوسيك تجاهك. وهناك حوافز لابد لك من توفيرها، وضوابط إدارية لتوصيف العمل وتقويم الأداء. كما أن هناك بعض الأخطاء التي يجب تلافيها.

علاقتك بإدارة شئون الأفراد:

يجب أن تجعل بينك وبين هذه الإدارة قنوات اتصال جيدة، والجأ إليها في طلب المشورة في أمور تعيينات موظفيك، وإذا كانت مسئولة عن التدريب نسق معها أو مع غيرها الاحتياجات التدريبية لأفراد إدارتك، وقم بزيارة المسئولين والاستفادة من مشورتهم في جميع شئون الأفراد.

الولاء:

الولاء قضية هامة، ولا يتعجل المديرون الجدد في الحصول على ولاء مرءوسيهم؛ مع أن هذا الولاء يأتي بالتدريج، وعندما يشعرون بأن المدير جدير به. والولاء مطلوب أيضًا من الرؤساء لمرءوسيهم، ومطلوب من الجميع تجاه مؤسستهم. غير أن هذا الولاء المؤسسي أصبح صعب المنال بسبب عوامل كثيرة، وعليك كمدير جديد أن تحرص على ولائك لرؤسائك، وبصفة خاصة رئيسك المباشر، ولا تكن بوجهين تظهر أمامه بوجه وخلفه بوجه آخر. كما يجب عليك الولاء لمؤسستك وأن تعتقد أنها تستحق هذا الولاء إلى أن يثبت العكس.

أهمية الحوافز:

يجب أن تدرك أن استخدام سلطة الوظيفة هو آخر الوسائل التي يمكن اللجوء إليها لحث الموظفين لتحسين أدائهم، ولا يوجد بديل أهم من الحافز الشخصي. لذلك حاول أن تغير توجه مرءوسيك من أسلوب (يجب أن تفعل) إلى أسلوب (أحب أن أعمل).

-   ويختلف الناس في ردود أفعالهم تجاه الحوافز؛ فبعضهم يجدون الحافز في الترقية، وبعضهم يكفيه رضاء رؤسائهم عنهم، بينما يقنع بعض الناس بالتنافس مع زملائهم. غير أن معظم الناس يحفزهم الجزاء المادي، والحصول على العلاوات والاحتفاظ بالوظيفة.

خادم القوم سيدهم

مهام المدير أو القائد هي مزيج من مسئوليات القائد والخادم. ولكن الكثير منا ينكرون جانب الخدمة؛ لأنه يتعارض مع ما يعتقدونه في أنفسهم، مع أنهم بإمعان التفكير في عملهم، سيجدون أن معظم المهام المنوطة بهم هي في واقع الأمر خدمات لمرءوسيهم. وينطبق هذا الأمر على كل الناس، بمن فيهم رئيس الولايات المتحدة الأمريكية

-   وتلعب الألقاب والمظاهر الوظيفية أدوارًا مهمة في تحفيز الكثيرين، وبعض الموظفين يحبون إعطاء مسميات جديدة لوظائفهم؛ كمنصب نائب الرئيس لشئون كذا بدلاً من مدير عام كذا، وألقاب: سكرتير عام، أو مراقب عام... إلخ، وللمظاهر الوظيفية دور حافظ لا ينكر، كالمكاتب الفاخرة جيدة التأثيث، أو السيارة الخاصة، أو الاشتراك في أحد النوادي أو تخصيص مكان مميز لوقوف السيارة...إلخ.

توصيف الوظائف وتقويم الأداء:

يجب أن يكون لك دور في توصيف الوظائف في إدارتك، كما يجب أن تكون ملمًا إلمامًا جيدًا بمعايير تقويم أداء مرءوسيك، حتى في حالة وجود إدارة أخرى أو مستشارين يوكل إليهم هذا العمل.

-   وفي المقابلات التي تجريها مع مرءوسيك بهدف تقويم أدائهم يجب تكريس أوقات كافية لإجرائها، ويجب أن تكون دقيقًا وصريحًا في مواجهة كل موظف بحسناته وسيئاته. وحتى تكون المقابلات ناجحة يجب أن تعد لها وأن تسجل مسبقًا النقاط الرئيسة التي تود مناقشة كل واحد فيها، وفي مقابلاتك مع الموظفين الممتازين استمع إلى ملاحظاتهم بعناية، حتى لو قالوا ما لا تحب أن تسمعه، وقد يجنح بعضهم إلى المبالغة، ولكن سيمكنك من اكتشاف الغث من السمين.

4 ـ لا تكف عن تنمية مهاراتك:

اعلم أن المرء هو ما يعتقده في ذاته، فإن كنت تؤمن بأن شخصيتك ضعيفة، فإن عقلك الباطن سيعمل بموجب ذلك، وبالعكس، إذا كنت تملك الثقة في قدراتك فستكون أقدر على تحقيق ذاتك. ولتعزيز وتدعيم هذه الثقة يجب أن تحقق نجاحات في مسيرة عملك. وكل نجاح تحققه في مهامك الجديدة كمدير سيضيف لبنة في بناء مستقبلك.

فجوة الجيل:

يكون المديرون الجدد عادة من أعمار متباينة، والمتوقع في معظم الأحيان أن يكون المدير أكبر سنًا من مرءوسيه، ولكن ذلك لا يحدث في الحياة العملية في الوقت الراهن وبالمفاهيم الإدارية الحديثة، فيمكن:

1 ـ أن يكون المدير أكبر سنًا من مرءوسيه.

2 – أن يكون أصغر سنًا منهم.

3 ـ أن يكون مديرًا لمرءوسين أعمارهم متباينة، بعضهم أصغر منه سنًا وبعضهم الآخر أكبر منه.

ويستطيع المدير الشاب قيادة من هم أكبر منه سنًا إذا ثبت لهم أنه جدير بمنصبه، وأن قراراته حكيمة.

أخطاء يجب تلافيها:

يجب أن يحرص المدير الأصغر سنًا من مرءوسيه على ألا يتعجل بإحداث التغيير في إدارته فور تعيينه، مخالفًا بذلك حكمة التغيير التدريجي؛ لأن التغيير السريع قد يكون أكثر تقبلاً لدى المرءوسين من المدير كبير السن.

ومن الخطأ أيضًا أن تعتقد أنك قادر على الإجابة عن كل سؤال يوجه إليك من كبار السن المخضرمين، أو تعتقد أن التردد في الإجابة سيفسر بأنك جاهل أو ضعيف، بل على العكس من ذلك، يجب ألا تتردد في القول: لا أعلم، ولكنني سأبحث وأرى. وحاول أن تجعل هؤلاء الكبار راضين بقيادتك ومرتاحين لها. وفي بداية عهدك في الإدارة لا تخاطبهم بأسمائهم المجردة، واستخدم مقدمات (السيد) و(السيدة) إلى أن تصبح مع مرور الوقت مقبولاً من الجميع، وعند ذلك يمكن أن تزول الكلفة بينك وبينهم.

تجنب الزهو والغطرسة:

فهي إحدى شراك النجاح المبكر، ويمكنك تحويل الغرور إلى نوع حميد من الثقة بالنفس، وأن تعترف بأخطائك ولا تلق باللوم على مرءوسيك؛ فالخطأ أمر طبيعي يمكن أن يقع فيه كل البشر، وكن عادلاً ولا تتحول إلى أخطبوط يركز كل العمل في شخصه ويقتل نفسه بالعمل المضني.

وإذا كان من الصعب عليك تحمل أخطاء معاونيك، فإن هذا يتطلب منك إعادة النظر في توجيهاتك. وحاول أن تجعل كلامك عن الإدارة مطابقًا لواقع تطبيقك الفعلي لها بدون تزيد.

وحاول أن تقوم بالعمل الذي لا تحبه أو تجيده في الوقت الذي تكون فيه لياقتك البدنية والنفسية في أفضل حالاتها. وابدأ يومك بالأعمال الصعبة. أما إذا كنت تفضل الأعمال الروتينية النمطية فالأفضل لك أن تتخلى عن حرفة الإدارة. ولا تحقد على من أصابوا قدرًا كبيرًا من النجاح أكثر منك، بل انظر إلى من هم في مستواك.

كن موضوعيًا:

جانب هام من جوانب شخصيتك هو مدى استعدادك لأن تكون موضوعيًا. ولا تكن كالمديرين الذين يدّعون الموضوعية ويتصرفون بعكس ذلك، واسأل نفسك دائمًا:

ما هي التوجيهات أو التجارب التي تجعلني غير موضوعي؟ وكيف يمكن التخلص منها؟

كن واثقًا من نفسك وفي قدرتك على اتخاذ القرارات. فإذا توفر لذلك 70% أو 80% من الحقائق التي تريدها لاتخاذ قرارك، فلا تتردد في اتخاذه. ولا تضيع الكثير من الوقت في الحصول على باقي الحقائق. لأنك حتى لو توصلت إليها فربما تصل إلى قرار مماثل وتكلفة التأخير في اتخاذ أي قرار قد تزيد بكثير عن الاعتماد على حقائق تقل عن 100%.

وتعلم قواعد اللعبة، وحاول أن توازن بين رغبتك في اتخاذ القرارات بسرعة، وبين اختيار الأوقات الأنسب لاتخاذها. وقوّم نفسك بأمانة على قدر ما تستطيع، ولا تصدر أحكامًا عاطفية ثم تحاول ترشيدها فيما بعد، فإن فعلت ذلك فستجد نفسك مضطرًا للدفاع عن قرارات كنت تتمنى ألا تتخذها.

كن مستعدًا لترقية أخرى:

في أحيان كثيرة تضيع على بعض المديرين فرص الترقي بسبب عدم وجود من يحلون محلهم. لذا يجب أن نتفادى العقبة بأن تعد أحد معاونيك ليكون جاهزًا لتولي مهام منصبك عند اللزوم. بأن تفوض إليه بعض سلطاتك بالتدريج، وعندما يستقر اختيارك على أحد مرءوسيك يجب أن يعلم رؤسائك بذلك. وإذا أدى هذا السلوك إلى ترقية معاونيك في إدارات أخرى فلا تحزن على ذلك؛ لأنك ستكتسب شهرة أنك مدير معلم، وربما تزيد فرصتك في الترقي.

وإذا لم يكن لديك مساعد جاهز، يمكنك تفويض بعض مهامك إلى أكثر من مرءوس حتى لا يترقى أحدهم من وراء ظهرك إلى أن تستقر على الأصلح منهم. بيد أن هذا الأسلوب قد لا يخلو من سلبيات على باقي المرءوسين، ولهذا يجب أن تعطيهم الأمل في إمكانية الترقي في إدارات أخرى خارج إدارتك، وكن صادقًا في ذلك، وعامل الجميع على قدم المساواة.

-   لا تكن كالذي يعتقدون بأن المؤسسة لا يمكنها الاستغناء عنهم، وهم بسبب هذا الوهم قد يضحون بإجازاتهم. ومثل هؤلاء هم أول ضحايا هذا الفهم الخاطئ لمفهوم الإدارة ولا يصلحون لها.

-       اعتن بمظهرك وأحسن اختيار ملابسك، وإذا أردت أن تكون ناجحًا فزيك يجب أن يبدو كذلك.

-   عرّف الرؤساء بنواحي التميز فيك بدون جلبة، وإذا حصلت على مؤهلات علمية أو حضرت دورات تدريبية أو مؤتمرات، فناقش بعض الموضوعات التي أثيرت فيها معهم.

-   وقد يكون رؤسائك راضين عنك كل الرضى لدرجة أنهم لا يودون الاستغناء عنك ولا يفكرون في ترشيحك لترقية في أماكن أخرى خارج نطاق سلطاتهم، فيجب أن تستكشف ذلك في وقت مبكر وتعد له بالطريقة السابق ذكرها قبل أن يفوت الأوان.

نظم وقتك:

لعل أفضل طريقة لتنظيم وقتك بوسيلة عملية هي أن تعد مذكرة بالأعمال المفروض عليك إنجازها كل يوم وتضعها أمامك. وأشر على ما يتم إنجازه منها، وما يتبقى منها بدون إنجاز يرحل إلى مذكرة اليوم التالي. على أن يتم ترتيب الأعمال وفقًا لأهميتها وأولويتها. وقد يتطلب عملك أن تأخذ بعض أوراقك معك إلى المنزل، وبصفة خاصة الأعمال التي تتطلب الهدوء في التفكير ككتابة التقارير والأبحاث.

تعلم الكتابة الإدارية:

وأفضل طريقة للكتابة للآخرين هي أن تستحضر صورة ذهنية لمن تود الكتابة له، واكتب له كأنك تخاطبه. وافعل ذلك أيضًا مع مرءوسيك. وإذا كنت تكتب لرئيس لا تحبه استحضر صورة ذهنية لأحد أصدقائك واكتب له ما تود كتابته لهذا الرئيس. وتجنب مخاطبته باسمه الأول مجردًا من الألقاب، ووقع على خطابك باسمك الأول لإشعاره بالود. ويجب الحفاظ على قواعد النحو والصرف والهجاء، وإذا كنت لا تجيدها حاول أن تتعلمها، ولا تعتمد في ذلك على مساعد أو سكرتير، لأن ذلك من شأنه أن يفوت عليك فرصة تعلم هذه المهارة الهامة.

اعتن بمكالماتك الهاتفية:

طريقة كلامك في اتصالاتك الهاتفية تكشف عن شخصيتك. تذكر وأنت تتكلم مع شخص آخر لأول مرة أن الانطباع الأول هام ولن يتكرر. وإذا لم تكن موفقًا في حديثك الأول مع طرف آخر فقد يمر وقت طويل حتى يمكنك تحسين انطباعه الأول عنك. وحاول تحسين صوتك بالاستماع إلى تسجيل له إلى أن تجعله متوازنًا وواضحًا. فإن الناس عادة يحجمون عن إبلاغك بأن صوتك نشاز أو غير واضح المعالم، وفي غيابك تأكد من اهتمام معاونيك بالرد على  المكالمات وتسجيل أسماء الطالبين. واهتم بالرد عليها.

كن جيد الاستماع للغير:

من مهارات المدير الناجح قدرته على الاستماع الجيد؛ لأن الله قد جعل لكل منا أذنين وفمًا واحدًا، وهو يتطلب أن يكون وقت الاستماع ضعف الوقت المكرس للكلام. وأنت حين تستمع تتعلم شيئًا جديدًا، ولكن حين تتكلم لا تتعلم.

وإذا أردت أن تكون محدثًا بارعًا عليك أن تكون مستمعًا جيدًا. وتذكر أن نظرك إلى محدثك يعني اهتمامك بما يقول.

خذ الحياة برفق:

ولا تكن جادًا أكثر مما ينبغي، وتجنب تقطيب الجبين، واحتفظ بروح الدعابة بدون ابتذال. فكل واحد منا لديه استعداد فطري لأن يكون مرحًا، ولكن هذه العادة تنمو لدى كل شخص بشكل مختلف.

حضور الاجتماعات أو قيادتها:

إذا اشتركت في اجتماع أو لجنة فيجب أن تعد نفسك لذلك، وأن تحدد موقفك من المسائل المعروضة على بساط البحث والمناقشة. كما تحدد موقفك من رئيس الاجتماع من حيث موافقتك أو معارضتك لطريقة طرحه للموضوعات، ولكن يجب أن تعلم أن السكوت أفضل بكثير من الكلام المرسل وغير المدروس. ولا تخش أن يفسر صمتك على أنه جهل. ولا تفقد أعصابك لأي سبب, ولا تكن من فريق الموافقين على كل شيء، وعبّر عن رأيك عن اقتناع به، وإذا ترأست الاجتماع فلا تترك الحبل على الغارب،ولا تكن دكتاتورًا يحاول فرض رأيه على الأعضاء. وكن وسطًا بين هذين النقيضين، واحرص على إخطار الأعضاء مسبقًا بجدول الأعمال حتى يكون الاجتماع أكثر فعالية. وإذا حضر الاجتماع من هو أكبر منك في السلم التنظيمي فلا تدعه يسيطر على الجلسة، وتصرف معه بدبلوماسية ولباقة، وأعط فرص الكلام للجميع بعدالة، ولا تقلل من شأن أحد، ويمكنك أن تكون خطيبًا مفوهًا عن طريق الإعداد والتمرين والتدريب على مواجهة الجمهور؛ لأن ذلك سوف يفيدك.

توصيات عامة:

-   إذا كنت تعتقد أنك من أولئك الذين تسيرهم الأحداث، فلا فائدة ترجى منك. صحيح أن الأحداث الخارجة عن إرادتك لها تأثيرها على حياتك، ولكن في مقدورك إحكام سيطرتك على ردود أفعالك تجاهها.

-   لا تؤد عملاً لا تحبه، ولكن في نفس الوقت كن واقعيًا لتدرك أن كل عمل فيه جوانب لا نحبها. ثم إذا كانت كل الأعمال ممتعة فكيف تدرك قيمة التحدي وتحقيق الذات؟ وإذا كان عملك كله غير محبب لك، فالأفضل لك أن تبحث عن عمل آخر لا يخلو من عناصر تحبها.

-   بعض الناس يسألون أحيانًا: ما أهمية أن أكون مديرًا لشركة لا تصنع سوى  المسامير؟ ومثل هذا التفكير خاطئ،ويجب أن يكون التساؤل: ما هو تأثيري في الناس الذين أقودهم؟ وما هو تأثيري في الناس خارج العمل. وإذا لم تكن مديرًا لشركة هامة أو شركة قليلة الأهمية، ففي الحالتين سوف تكون مديرًا فاشلاً.

عنوان الكتاب:مدير لأول مرة

  المؤلف: لورن بلكر

ترجمة: الشركة العربية للإعلام العلمي

*   *   *